أكبرت صغيرتى ..؟!

(1) 
فتحت عيناى بتثاقل وكأنى أرفض قدوم اليوم الجديد .. ولم لا؟ .. فهو يوم غير كل الأيام
لم أنم جيدا هذه الليلة .. بل أعتقد أنى لم أنم على الاطلاق
ظللت أحدق طوال الليل فى هذا الرداء الأبيض الواقف أمامى
وكلما نظرت إليه .. يذرف قلبى دمعة
وأشعر بأننى سأفقد قطعة منه بحلول اليوم الجديد
فتحت باب غرفتى وأطلت بشمس وجهها المشرقة كعادتها كل صباح
قالت والابتسامة تلمع فى عينيها " صباح الفل يا ست الكل، كويس انك صاحية، قومى بسرعة ورانا حاجات كتير النهاردة"
غادرت هى الغرفة .. إعتدلت أنا فى فراشى ونظرت للرداء مرة أخرى وأنا لا أكاد أصدق .. يااااااا إلهى .. أكبرت صغيرتى؟
أكبرت صغيرتى وستتزوج؟
حلت ضفائرها ... ونضج عودها وستتزوج؟
أنا لا زلت أذكر أول يوم لها فى المدرسة .. لم يكن باليوم البعيد.. وهى تقاوم دمعة أبت إلا أن تبلل خدها الوردى الصغير وهى تلوح لى مودعة وتدخل فصلها .. أكبرت صغيرتى؟؟؟
ولا زلت أذكرها وهى تدفن رأسها فى حضنى تخفى نظرة الخجل وهى تخبرنى أنها لم تعد طفلة بعد .. وأنها قد أضحت أنثى ناضجة .. أكبرت صغيرتى؟؟؟؟
ولا يوم أن عادت من الجامعة وقد بدت عليها علامات السعادة الغير مسببة وأغلقت عليها باب غرفتها وظلت تستمع إلى أغانى فيروز وعبد الحليم طوال الليل ...
ولم تستطع النوم إلا بعد أن حكت لى كيف دق قلبها للمرة الأولى...أكبرت صغيرتى؟؟؟
أحقا قد كبرت ؟؟
لن تشرق شمس وجهها بعد الآن كل صباح
سيعلو صوت الصمت فى المنزل بدلا من بضحكاتها
ستسكن الوحدة فى الغرفة المجاورة لغرفتى
عزائى الوحيد أنها سعيدة وإرتبطت بمن دق له قلبها
سأفتقد صغيرتى وصديقتى
بسرعة مسحت دمعة غافلتنى وهربت من مقلتى ... ففد كنت قد وعدتها ان اليوم سيكون خالى من الدموع
غادرت سريرى .. ولا زال السؤال يتردد .. أكبرت صغيرتى؟
نظرت للمرآه .. تطلعت إلى تلك الخصلة الفضية المسترخية على جبينى و ابتسمت ..
أعتقد أنه حقا .. لقد كبرت صغيرتى

(2)

أقل ما أستطيع أن أصف به تلك الليلة .. أنها كانت ليلة من ألف ليلة
كانت العروس كأميرة من أميرات الأساطير
 تطير كالفراشة بين المدعوين من الأصحاب والأقارب توزع ضحكاتها على الجميع .. تنشر فرحتها فى قلوب الحضور
ظننت أننى لن أستطيع كتمان مشاعرى ودموعى فى ليلة كهذه .. ولكن – وياللغرابة - شعرت بسكينة غريبة تملأ قلبى .. وسمعت صوتا يهمس فى أذنى: " عملتى اللى عليكى .. وأديتى رسالتك على أكمل وجه .. أنا معاكى وعمرى ما هاسيبك"
فى نهاية الحفل وبعد أن ودعت صغيرتى بابتسامة تعمدت أن تكون آخر ما تشاهده منى قبل أن تطير إلى عشها الجديد.. عدت إلى منزلى بعد أن رفضت دعوتين .. أحدهما من أختى والأخرى من صديقة مقربة لى بأن أبيت عند إحداهما الليلة أو أن تبيت إحداهما معى
 كنت أريد أن أعيش الواقع منذ اللحظة الأولى .. وهى أننى سأكون وحيدة بعد أن غادرت عصفورتى عشنا وبنت لنفسها عش جديد
كان الصمت يطبق على المكان... حتى كدت أن أسمع صدى صوت انفاسى
دخلت غرفتى أسرعت بتبديل ملابسى حتى ألحق بموعد كل ليلة .. موعدى المقدس الذى أحرص عليه منذ عشر سنوات
أحضرت أوراقى وقلمى .. وصورته .. وبدأت أتحدث إليه وأكتب ...
مليكى وحبيبى ورفيق عمرى .. لم أفتقد وجودك من قبل كما افتقدته الليلة ... كنت أتمنى أن تكون بجانبى لترى فرحة عمرنا .. زهرتنا وهى تتفتح..  نعم يا عمرى .. لقد كبرت صغيرتنا وتزوجت ..  أصبح لها عالم جديد
 لم تعد تلك الصغيرة ذات الضفائر كما تركتها .. لم تعد تلك الصغيرة التى كانت تسابق الريح وتجرى لترتمى فى حضنك عند عودتك .. تمطرك بقبلاتها طمعا فى ما أحضرته لها من حلوى
لم تعد تلك الصغيرة التى كنت تجلس أمامها بالساعات تلعبان الشطرنج وعندما تتغلب عليك لا تخفى فرحتــك بهــا وتقــول: " مش بنتى وطالعالى .. لازم تغلبنى" ..
لم تعد تلك الصغيرة التى كنت تحكى لها حكاياتك الخيالية التى تعبر فيها البحار وتقاتل الوحوش الخرافية وتنقذ بنت السلطان ... وهى تستمتع إليك بانصات وانبهار
ولكن ما يطمئنى يا عمرى .. أنها أختارت .. وإختارت من يشبهك .. ليس فى الملامح ولو أنى أحيانا أراه نموذجا مصغرا منك .. وإنما فى شخصيته وطباعه ..  كانت دائما تبحث عنك .. تفتقدك حتى وإن لم تبوح ..
وها أنا الآن يا حبيبى لم يتبق لى غير الجدران .. صفحات قديمة أطويها لذكريات مضت ... وصفحات جديدة  أفتحها لذكريات قادمة
إنعم أنت فى جنتك و...انتظرنى
حبيبتك


ليست هناك تعليقات:

مقدمة ( 1 ) .... بقلم الكاتب والروائى عبد الهادى زيدان

خلود السيد قلم غض..مدهش..متدفق..يتقن التامل ويبحر في الأنفس و يعزف علي وتر الحياة راغباً في كسر لوحة رتابتها وتضميد ما ألم بها من جروح والغناء علي شواطئها المهمومة ألقاً وبهاءاً وترنماً...خواطرها إبتهالات عشق صوفي محب للحياة وراغب في التصالح معها..أفكارها بعثرات نفس باحثة عن روح الحياة المفعمة بالغربة تارة وبالإغتراب تارة أخرى .... تعرف قيمة الكلمة ..تتآلف معها.... تصاحبها..تعانقها... تلامس من خلالها السماء..أمنياتها بسيطة ...ثائرة و هادئة كموج البحر... الحب في خواطرها وقصصها القصيرة واحة إسترخاء ومتكأً للإرتياح وقيثارة تملأ الكون أنغاما فتتبدل معه الفصول.......هو لحظات إحتواء للنفس ولمن إقترب منها .. لحظة تذيب الأنا وتستبعد الأنانيه وترتقى بالأنفس ندية ومشاطرة وتقاسم حتي لخبز الأسي ونزع للأقنعة وترفق متصافي .... هو كتابة علي جدران القلب وسكن في محراب الهوي وأوراد في ملكوت الوجد ووأد لنظرات أحادية الجانب وخضوع متشامخ وإستسلام متسامي وتباريح تقض مضاجع الرحيل وصمت متكلم ووهم بطعم الحقيقة.. كتاباتها تمزج الحلم بالواقع وتعكس مرآة القلوب وتخاصر الوحدة وتلوذ بالأساطير وتسكن الحنين وتحار في قدرية الوجود وتداعب الأحلام المؤجلة وحق الوجود مستصرخة روح الانسان التي تأبى أن تكون ألعوبة في زمن تساقطت فيه الكثير من الأقنعة... كتاباتها تحتاج منا لمزيد من التأمل لقلم لا يتوقف عن الجريان ....


مقدمة( 2 ) .. كتاب تباريح - بقلم الكاتب والروائى أسامة الشاذلى

صاحبة هذا الكتاب ليست كاتبة محترفة، تستخدم أنماطاً وقوالب معروفة للكتابة... فقط هي قلب يكتب، ينبض فيكتب، يجعله الحزن بطيئاً ينثر حروفاً تحمل بين طياتها الآلم والجرح، يجعل الفرح نبضه يتسارع، يقفز القلب ويشكل من الحروف بالونات وزهور تغزل إبتسامات لا متناهية على روح قارئها.
كتاب (تباريــح) "حين تتكلم النساء" كتاب مختلف تحمل كل أقسامه إحساسا أنثوياً خاصاً، ترويه إمرأة شرقية عاشت كل ما عاشته المرأة الشرقية من جور وتعسف فتحدثت فتحت قلبها وقالت ما فيه، شهرزاد أخرى في القرن الـ21 تروى لنا ما فعله شهريار من خلال ألف إحساس وإحساس هذه المرة. ولكنها في النهاية لم تنجو من السياف، ولكنها ستذبح الصمت وتمثل بجثته بين صفحات كتابها لأنها قررت الكلام.
متحيزاً أنا للكتاب وما يحويه تحيزى لوليد حضرت ميلاده وعشت لحظاته الأولى، قد لا أكون من عشاق التصنيف النوعي للأدب ما بين ذكوري ونسائي، لهذا لا أعتبر شهرزادنا هذه المرة تقدم كتاباً للمرأة، بل كتاباً للرجل أيضاً يكتشف فيه كثيراً مما غاب عنه في تفاصيل النساء، يعرف مجهولاً وضعته الكاتبة خلود السيد بين أيدينا دون مجهوداً نبذله سوى القراءة، أسراراً ومشاعر بذلت فيها عمراً بالكامل ، لتبث لنا فيه تباريحها، وتتحدث النساء علهن لا يصمتن بعد الآن.

مقدمة ( 3 ) .. لم تنشر - بقلم عزة عميرة

صديقتى هى ورفيقة عمرى...كل ما أعرفه عنها انها قلب ينبض بالحب.. أنها جارة القمر ...فيروزية النزعه...مقاتلة...لا تستسلم لحزن لا ترتكن عندما تمر بها سحابات الإكتئاب دائما أبدا هى تقف أمام كل تحديات الزمن...مشرقه دائما ....متحديه كل العثرات.....هى صديقتى خلود السيد.. قلمها فاجأنى منذ نحو العام وكأنى لم أعرفها من قبل هى كما هى ولكن مابين خلجاتها أصبح فى سطور مقرؤه.....قرأت وأدمنت قلمها فوجدتنى أحبها ولن أكتفى ....دائماً أفكارها متفردة ولم أجد أبداً لها أفكار مبعثرة....هى دائما باحثة عن وطن ووطنها هو محراب حبها...تجدد أمنياتها صباحاً ومساءً ...باعثة الأمل أو مرسله لحن حزن أو حضن دافىء بين الكلمات.....تشعر وانت تقرأ لها...أنك ترغب فى التوسل لها قبل الرحيل أن تعاود مرات ومرات ...لنعايش رسائل حبها ونغوص فى عمق قصائدها....وتصمت احيانا أخرى وانت تقرأ وتتوقف الأنفاس.....جريئه هى فى التعبير عن أحاسيس المرأة وكأنها أخذت توكيل عام من نساء الكون لكى تعبر عما بداخلهن مسقطه بذلك كل الأقنعه...وفى غفلة منا أدمناها فتمرض هى به فنمرض نحن بها....نعتنق معها كل تعاليم حبها ربما نجد فى قلبها مكان....تكشف لنا حتى عن أحلامها المؤجلة...وتسرد لنا قصة يتمها الذى ولى بتوليه هو عرش قلبها...أنه فارسها الذى يعيب كل الرجال انهم ليس هو......وبعد قد تظن انك قرأتها...ولكن هيهات فلا زال بداخلها صرخات وحكايات مع المرايات.....وحكايات تمت واخرى لم تتمأنها حقا وهمٌ بطعم الحقيقه ...ورغم كونها حقيقه ملموسه فى حياتى أكاد أشعر أحيانا أنها وهما من كثرة ما لديها من طاقات واحلام لم تكتمل بعد ...صديقتى الفيروزيه الشجيه القويه الناعمه الحالمه المتصالحه مع واقعها...الصانعه عالمها والمحققه أمنياتها...والمقاتلة .... الآن أصبح للحب خلود ...